أخبار الموقع

ما قصة هجرة الحبشة






ما قصة هجرة الحبشة 



موسوعة التعليم الناجح


أصبحت مكة كالسجن الكبير يعذب فيه ضعفاء المسلمين، فهذا أمية بن خلف يُخرج عبده بلال بن رباح -رضي الله عنه- في حر الظهيرة ويطرحه على ظهره عريانًا فوق الرمال الحارقة، ويضع على صدره صخرة كبيرة، ويقول له اكفر ، ولكن بلال كان قوي الإيمان ، ولم يستسلم، وكان يردد قائلا: أحد .. أحد. وتحمل كل هذا العذاب حتى فَرَّجَ الله عنه.


ولم يكن التعذيب فقط من السيد للعبد بل من الأم للابن أيضا ومثال عليه قصة مصعب بن عمير رضي الله عنه مع أمه ،فقد كانت أمه تحبسه وتمنع عنه الطعام والشراب وكانت تجمع أخواله ليعذبوه ليترك الإسلام .



وبالتالي أصبحت مكة مكانًا غير آمن على المسلمين، لأن تعذيب الكفار يزداد باستمرار ، ففكر النبي صلى الله عليه وسلم في مكان يطمئن فيه على أصحابه، فوقع اختياره على الحبشة لان فيها ملك عادل لا يظلم عنده أحد فأمر أصحابه الذين يستطيعون تحمل أعباء السفر والهجرة بالذهاب إليها فخرج بعض المسلمين إلى هنالك سرا دون علم المشركين ، وكان من هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وجعفر بن أبي طالب وزوجته أسماء بنت عميس، وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنهم- ...


ولكن لا شيء يبقى سرا للأبد فقد علم أهل قريش بالأمر واشتد غيظهم وصمموا على إرجاعهم إلى مكة، فاختاروا من بينهم رجلين معروفين بالفطنة والذكاء، وهما: عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي بلتعة وأرسلوهما بهدايا إلى ملك الحبشة، فدخل عمرو بن العاص على النجاشي، وقال له: أيها الملك، لقد جاء إلى بلدك منا سفهاء، قد فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا أيضا في دينكم، وجاءوا بدين مبتدع، لا نعرفه نحن ولا أنتم.... ،ولكن النجاشي رفض أن يسلِّم المسلمين لهم، حتى يتأكد من صحة كلام عمرو وصاحبه.
فأرسل النجاشي في طلب من حضر من المسلمين المهاجرين إلى الحبشة فجاءوا إليه، وطلبوا من جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن يتحدث نيابة عنهم حتى يتحدث باسمهم، فسأله النجاشي: ما الدين هذا الذي قد تركتم وفارقتم به قومكم، ولم تدخلوا في دين المسيح دين النجاشي، ولا في دين أحد من قبلكم من هذه الملل؟ فأجابه جعفر على ما سئل قائلا: أيها النجاشي، كنا قومًا أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا نبيا منا، نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه، فدعانا إلى الله لنعبده ولنوحده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات.
وأمرنا أن نعبد الله وحده وألا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام فصدَّقناه وآمنا به واتبعناه ، على ما اخبرنا به من الله، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومُنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأصنام عن عبادة الله -تعالى- وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيَّقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، حضرنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك من الملوك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نُظلَم عندك أيها النجاشي، فقال له النجاشي: هل تحفظ ما جاء به الله إلى رسولك من شيء؟ قال جعفر: نعم. فقال النجاشي: اقرأه عليَّ.
فقرأ عليه جعفر بداية سورة مريم، فأدمعت عيني النجاشي وبكى ، فقال لجعفر ومن معه من المسلمين: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، ثم قال لعمرو وصاحبه: انطلقا، فلا والله لا أسلمهم إليكما، وردَّ النجاشي الهدايا إلى عمرو ولم يسلم المسلمين إليه، وهكذا فشل المشركون في الإيقاع بين المسلمين وملك الحبشة.